التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
استلم السلطان أحمد الأول حكم الدولة العثمانية في سنة 1603م، وعلى الرغم من صغر سنه عند ولايته فإنه كان جديرًا بالحكم.
السلطان أحمد الأول (1603-1617م)
استلم السلطان أحمد الأول الحكم في 23 ديسمبر 1603م[1]، وحكم الدولة أربعة عشر عامًا؛ أي إلى عام 1617م[2]، وعلى الرغم من صغر سنه عند ولايته فإنه كان جديرًا بالحكم، وكانت له بعض الإسهامات المهمَّة في التاريخ العثماني.
كان السلطان أحمد الأول من الحكمة والكفاية بحيث إنه أدرك في هذه السنِّ المبكرة التي تولى فيها التدهورَ الذي وصلت إليه مكانة السلطان، وأَثَرَ ذلك على إدارة الدولة، فسعى بكلِّ طاقته لوضع حدٍّ لهذا التدهور. قرَّر السلطان فور جلوسه على العرش نقل جدَّته صفيَّة سلطان إلى القصر القديم بعيدًا عن قصر الحكم (توب كابي)[3]، وكانت صفيَّة هي المتحكِّمة في أمور الدولة في عهد ابنها محمد الثالث، ومن قبل ذلك في عهد زوجها مراد الثالث، وأدَّت قيادتها للدولة لكثيرٍ من الاضطرابات. عزل السلطان أحمد جدَّته عن السياسة، وباشر الأمور بنفسه، وأنهى بذلك سلطنة النساء، على الأقلِّ في فترة حكمه، وكانت هذه السلطنة مستمرَّةً بشكلٍ أو آخر منذ عام 1566م.
كان للسلطان أحمد الأول عند ولايته أخٌ واحدٌ هو الأمير مصطفى. لم يفعل مثلما فعل أبوه وجدُّه عندما قتلوا إخوتهم تأمينًا لعرشيهما؛ إنما أَرسل الأميرَ إلى القصر القديم ليعيش مع جدَّته صفيَّة[4]. يُكرِّر كثيرٌ من المؤرِّخين مقولة: (السلطان أحمد الأول هو أول من أبطل «عادة» قتل السلاطين العثمانيين لأخوتهم عند ولاية العرش)[5][6]، والحقُّ أن الجملة بها خطأ تاريخي يبدو متعمَّدًا من بعضهم، وهذا الخطأ في كلمة «عادة»؛ حيث تُعطي الانطباع أن التاريخ العثماني قبل السلطان أحمد الأول كان يشهد باستمرار قتل السلاطين لإخوتهم بطريقة منظمة بمجرَّد الصعود للعرش، وهذا في الواقع افتراء! فهذه الجريمة المنظمة؛ جريمة قتل الأخوة جميعًا عند تولي الحكم، لم يقم بها -كما وضَّحنا في الصفحات السابقة- إلا سلطانان فقط؛ هما مراد الثالث ومحمد الثالث، وليست هذه الجريمة «عادةً» في التاريخ العثماني. نعم تَقَاتَل قبل ذلك إخوةٌ على العرش؛ لكن هذا القتل المنظَّم لم يحدث إلا مرتين فقط. يقول بعضهم إن السلطان أحمد الأول لم يقتل أخاه مصطفى لأنه كان الوحيد المتبقِّي من العائلة العثمانية، ولم يكن السلطان أحمد قد تزوَّج وأنجب بعد، فلم يتم القتل حفاظًا على النسل العثماني[7]؛ ولكن الواقع أن السلطان أحمد أنجب عدَّة أولاد بعد ذلك[8]، ومع ذلك لم يقتل أخاه، وأحسب أن السبب الحقيقي وراء عدم قتله لأخيه هو رجاحة عقله، واهتمامه بالقواعد الشرعيَّة في الحكم؛ فقد كان ملتزمًا جدًّا بالشريعة، حريصًا على تطبيقها[9]، وهذا هو السبب الأوضح لحفاظه على حياة أخيه. ظهر حرصه على الدين كذلك في منعه بيع الخمور في الدولة[10]، وكانت قد انتشرت منذ عهد سليم الثاني، وفي اهتمامه بوصول الصدقات إلى مستحقيها، وفي رعايته للمساجد في الدولة، وخاصَّةً في مكة والمدينة، وبنائه لمسجده الكبير في إسطنبول[11].
اشتهر السلطان أحمد الأوَّل بجدِّيَّته، وعدم حرصه على حياة الترف كسابقيه، وأقحم نفسه بقوَّةٍ في إدارة الدولة، وكان يحضر اجتماعات الديوان بنفسه بعد عقودٍ من تخلِّي السلاطين عن ذلك لصالح صدورهم العظام[12]. حارب الرشوة والفساد، ولم يتردَّد في توقيع أقصى العقوبة على الفاسدين، ووصل الأمر إلى إعدام صدرًا أعظم لثبوت الرشوة في حقِّه[13]. كانت حياته جادَّةً حتى في هواياته؛ حيث كانت اهتماماته خاصَّة بالفروسية، والرماية، والشعر باللغتين التركية والفارسية، وكان يتكلم عدَّة لغات[14]. اشتُهر بكثرة استشارته للعلماء، والتوقُّف عند فتواهم، وله مواقف مهمَّة في هذا المجال.
كان من الممكن أن يكون للسلطان أحمد الأول شأنٌ كبيرٌ في التاريخ العثماني، وكان من الممكن أن يتردَّد اسمه كثيرًا كواحدٍ من السلاطين الذين أعادوا لمركز السلطان هيبته، وأثَّروا بإيجابيَّة في حركة الدولة، لولا أمرين؛ الأول أنه استلم البلاد وهي في وضعٍ سيِّءٍ للغاية؛ حيث وقعت فريسةً لأعداءٍ ثلاثة في وقتٍ متزامن؛ النمسا، وإيران، وتمرُّدات الداخل، فكان عليه أن يخرج بأقلِّ الخسائر من هذه الأزمات، والثاني أنه لم يعش طويلًا؛ حيث مات -كما سنرى- قبل أن يتم عامه الثامن والعشرين، فلم تكن عنده الفرصة الكافية لتحقيق المكاسب عوضًا عن خسائر السنوات الأولى في حكمه.
استلم السلطان أحمد الأول الحكم في 23 ديسمبر 1603م، وكان عليه أن يتعامل مع ثلاثة ملفَّاتٍ خطرة في وقتٍ متزامن: الأول هو حسم الحرب مع النمسا، وهي الحرب غير الضروريَّة التي نشبت من أيَّام مراد الثالث، واستنزفت موارد الدولة بشكلٍ كبير، وكانت الدولتان العثمانية والنمسا خاسرتين فيها، والموقف يبدو متعادلًا؛ ولكنَّ الاستنزاف مستمر. والثاني هو التعامل مع الهجوم الصفوي الناجح على شرق الدولة العثمانية، لاسترداد ما أخذه الشاه عباس الأول، أو على الأقل تحجيم طموحاته التوسُّعيَّة داخل الدولة العثمانية. والثالث هو مقاومة التمرُّدات الشديدة في الأناضول، التي بدا أنها ستمتدُّ خارجه قريبًا. كانت الملفات كلها تندرج تحت عنوان: مهم وعاجل؛ لذا كان من الصعب تأجيل واحدٍ على حساب الآخر، ولهذا تعامل معها كلها في وقتٍ متزامن، وهذا لا شَكَّ أدَّى إلى قصور نسبي في كلِّ جبهة؛ ومع ذلك فأنا أرى أن النتائج مُرْضِيَةٌ بالنظر إلى هذه الظروف، وبالنظر كذلك إلى ضعف حالة الجيش العثماني بالقياس إلى العهود السابقة. لأجل التداخل في الأحداث فإننا سندرسها جميعًا بإيجازٍ داخل الإطار الزمني الذي تمَّت فيه.
أحداث عام 1604م:
بعد الرجوع إلى القيادات العسكريَّة والديوان قرَّر السلطان إخراج جيشين في شهر يونيو 1604م؛ الأول إلى المجر[15]، والثاني إلى إيران[16]. كان الشعور العام عند الدولة أن الخطر النمساوي أكبر، وأن طموحاتهم في السيطرة على المجر بكاملها قويَّة، كما أن انفلات الوضع في إمارات الإفلاق وترانسلڤانيا مقلق، أمَّا الوضع على الجبهة الشرقيَّة فهو أقلُّ خطورة؛ لأن الأراضي التي أخذها عباس الأول حتى الآن لا تعتبرها الدولة العثمانية أراضي حقيقيَّةً للعثمانيين؛ بل هي كالولايات الحدوديَّة التي تمَّت السيطرة عليها فقط لتأمين الحدود الشرقيَّة للدولة، وكما ذكرنا عند تحليلنا للحرب العثمانية الصفوية التي حدثت بين عامي 1578 و1590م -في عهد السلطان مراد الثالث- أنها كانت حربًا بلا رؤية، ولم يسعَ العثمانيون إلى دعم وجودهم في الأماكن التي حازوها في هذه الحرب؛ أعني أذربيچان، وچورچيا، وأرمينيا، وشمال غرب إيران. يعني أن ضياع هذه الأماكن لا يُمثِّل مشكلةً كبيرةً للدولة، اللهمَّ إلَّا أنَّه سيجعل نقاط الصدام اللاحقة مع الصفويين في داخل أرض الدولة العثمانية بدلًا من أن تكون في أرض الصفويين. هذا الترجيح لخطر النمسا على خطر الصفويين، وهو ترجيحٌ صائبٌ في هذه المرحلة، جعل السلطان أحمد الأول وديوانه يوجِّهون القوَّة الأكبر والقيادة العسكريَّة الأكثر تمرُّسًا، إلى المجر لا إلى إيران، وهذا سيكون له مردودٌ على النتائج.
خرج الجيش العثماني الأول إلى المجر في 3 يونيو 1604م بقيادة الصدر الأعظم مالكوش علي باشا Malkoç Ali Pasha، الذي مات بعد أقلَّ من شهرين من خروج الحملة لأسبابٍ طبيعيَّة[17]، فتولى قيادة الجيش الصدر الأعظم الجديد لالا محمد باشا Lala Mehmed Pasha، وهو عسكريٌّ قدير، وعلى الرغم من دخول الشتاء فإنه استطاع استرداد مدينتي بِستPest وڤاك Vác من النمساويين، فأَمَّن بذلك مدينة بودا المهمَّة، وحاصر إزترجوم Esztergom، لكنَّه لم يتمكَّن من فتحها بسبب البرد القارس، فانسحب مؤقَّتًا[18]؛ ولكن بعد أن أخذ بانتصاراته زمام المبادرة في الحرب.
لم يقابِل هذا النجاح في الجبهة النمساوية نجاحٌ مثله في الجبهة الإيرانية. خرج الجيش العثماني الثاني إلى إيران في 15 يونيو 1604م بقيادة سنان باشا. كانت خطوات الجيش متثاقلة، وقراراته بطيئة. في أثناء ذلك سقطت مدينة يريڤان Yerevan الأرمينيَّة في يد الصفويين، وكانت محاصرةً منذ العام الماضي؛ ولأن سنان باشا وصل إلى الحدود الصفوية في 15 نوفمبر رأى أن الأفضل -والصواب عكس ذلك- أن ينسحب إلى مدينة ڤان Van بالأناضول ليقضي فيها الشتاء؛ وذلك على عكس رغبة قادة الجيش المصاحب له. انتهز الشاه عباس الأول الفرصة وقدَّم قوَّاته لاحتلال قلعة قارص الاستراتيجيَّة[19]. هكذا ضاع عام 1604م في هذا التباطؤ، وفقد العثمانيون زمام المبادرة.
في الوقت نفسه اشتعلت التمرُّدات من جديد في الأناضول بقيادة تاڤيل أحمد Tavil Ahmed، وهو أحد الموظفين العثمانيِّين المنشقِّين على الحكومة[20]، وكانت الجيوش العثمانية منشغلةً في المجر وشرق الأناضول، فلم يتمكَّن أحدٌ من إخماد التمرُّد.
من الأحداث المهمَّة -أيضًا- في هذا العام، قيام ثورةٍ في إقليم ترانسلڤانيا بقيادة نبيل مجري اسمه ستيفن بوسكاي Stephen Bocskay، وكانت ترانسلڤانيا قبل ذلك تابعةً للدولة العثمانية؛ ولكنها غيَّرت ولاءها للنمسا أواخر القرن المنصرم في عهد السلطان محمد الثالث. الآن يقوم الرومانيون بالثورة على الإمبراطور النمساوي. انتهز السياسي القدير لالا محمد باشا الفرصة وتواصل مع بوسكاي، عارضًا دعمه له في مقابل عودة ولاء ترانسلڤانيا للدولة العثمانية. وافق بوسكاي، وهذا ثبَّت العثمانيين بشكلٍ أكبر في المجر[21].
أحداث عام 1605م:
تواصل في هذا العام الفشل العثماني في الجبهة الشرقية، مع النجاح والتقدُّم في الجبهة الغربيَّة!
في صيف هذا العام تحرَّك سنان باشا بجيشه إلى تبريز لاستردادها من يد الصفويين. لم تكن تحرُّكات الجيش العثماني حكيمة، وفقدت القوَّات المختلفة القدرة على التواصل الجيِّد. وقع الجيش في كمين، واضطرَّ في 9 سبتمبر إلى الدخول في معركةٍ كبيرةٍ بجوار شاطئ بحيرة أورمية Urmia شمال غرب إيران. في هذه الموقعة حقَّق الصفويون أوَّل نصرٍ لهم على الدولة العثمانية في حربٍ ميدانيَّةٍ مفتوحة؛ وذلك منذ نشأة الدولة الصفوية عام 1501م.
قُتِل من الجيش العثماني عشرون ألفًا! انسحب العثمانيون إلى ديار بكر[22]. تأزَّم الموقف أكثر عندما وصلت قوَّاتٌ عثمانية من حلب بقيادة حسين جنبلاط باشا؛ فأمر سنان باشا بإعدام القائد بتهمة التأخُّر الذي أدَّى إلى هزيمة العثمانيين في أورمية[23]. أدَّى هذا الإعدام إلى قيام تمرُّدٍ كبيرٍ في لبنان وغرب سوريا، بمساعدة شيخ الدروز فخر الدين[24]. استغلَّ المتمرِّد العثماني تاڤيل أحمد هذه الأحداث فسيطر على مدينة خربوط Harput في الأناضول؛ بل أرسل ابنه محمد للقيام بتمرُّدٍ في العراق، فنجح في السيطرة على بغداد[25]!
هكذا صار الوضع في الجبهة الشرقيَّة في نهايات عام 1605م؛ سيطرة صفوية على غرب إيران، وچورچيا، وأرمينيا، وتمرُّدات خطرة في الأناضول، ولبنان، وسوريا، والعراق! بل مات سنان باشا فجأةً في ديسمبر من هذا العام لأسبابٍ طبيعيَّة[26]، فصارت الجيوش العثمانية في الشرق بلا قائد!
على الناحية الأخرى كان الوضع جيِّدًا في الجبهة النمساوية؛ إذ استطاع لالا محمد باشا أن يقوم بتحرُّكاتٍ عسكريَّةٍ ناجحة سيطر فيها على مدينتي ڤيزبريم Veszprém، وبالوتا Palota المجريَّتين، ثم تَوَّج انتصاراته بفتح مدينة إزترجوم Esztergom المهمَّة في 3 أكتوبر 1605م؛ وذلك بمساعدة الأمير المجري بوسكاي[27].
أحداث عام 1606م:
دفع الوضع المتردِّي للدولة العثمانية في الجبهة الشرقية الشاه عباسَ الأول إلى تصعيد هجومه على الحاميات العثمانية في الشرق، فتمكَّن في بداية هذا العام من السيطرة على المدن الأذربيچانيَّة المهمَّة؛ مثل باكو Baku، وشيروان Shirvan، وشماخي Shamakhi، وجانچا Ganja[28]. -أيضًا- كانت تمرُّدات الأناضول، والشام، والعراق، مستمرَّةً على حالها. في المقابل كان الوضع مستقرًّا في المجر. هذا التفاوت في وضع الجيوش الشرقيَّة والغربيَّة دعا السلطان أحمد إلى استدعاء الصدر الأعظم لالا محمد باشا ليُعطيه قيادة الجيوش الشرقيَّة. وصل الصدر الأعظم إلى إسطنبول؛ ولكنه مات فجأةً في 25 يونيو 1606م[29]. عُيِّن درويش محمد باشا كصدرٍ أعظم جديد؛ لكنه أُعْدِم بعد شهور لشكوكٍ في قيامه بتسميم السلطان الراحل محمد الثالث[30].
كانت «الحرب الطويلة» قد أنهكت الطرفين كليهما؛ النمساوي والعثماني. كان العثمانيون يحتاجون كذلك للتفرُّغ لمشاكلهم الشرقيَّة مع الصفويين والمتمرِّدين. وافق السلطان العثماني على إجراء مفاوضات السلام، التي بدأت في 24 أكتوبر 1606م؛ وذلك في مدينة زيتڤاتوروك Zsitvatorok (في سلوڤاكيا الآن)[31]. في 11 نوفمبر وُقِّعت المعاهدة الشهيرة التي وضعت النهاية للحرب الطويلة بين النمسا والعثمانيين[32].
معاهدة زيتڤاتوروك الشهيرة:
كان من الممكن للدولة العثمانية أن تحصل على اتفاقيَّةٍ أفضل مع النمسا لولا تفاقم الموقف في الجبهة الشرقيَّة. اضطرَّت الدولة لقبول أشياءٍ لم تكن تقبلها في المعتاد؛ لذا تُعتبر هذه المعاهدة مهمَّةً من الناحية التاريخيَّة؛ لأنها تُعبِّر بوضوحٍ عن طبيعة المرحلة التاريخيَّة الجديدة التي تعيشها الدولة العثمانية.
اتَّفق الطرفان على أن تبقى البلاد التي يُسيطر عليها كلُّ طرفٍ في يده مع تغييراتٍ طفيفةٍ للغاية، وهذا يعني تقريبًا أن الوضع سيعود للحالة التي كان عليها قبل اشتعال الحرب عام 1593م[33]؛ ممَّا يؤُكِّد أن هذه الفترة كلَّها كانت استنزافًا بلا معنى للطرفين، وهذا ما دعانا إلى لوم مراد الثالث حينها على الدخول في مثل هذه الحرب بلا رؤيةٍ مستقبليَّة. في هذه المعاهدة -أيضًا- أُعفيت النمسا من الضريبة السنوية التي كانت تدفعها للدولة العثمانية[34] منذ عام 1568م، على أن تدفع النمسا مبلغًا قدره مائتي ألف فلورين ذهبي مرَّةً واحدةً على سبيل التعويض عن خسائر الحرب[35]. كان هذا مكسبًا دبلوماسيًّا للنمسا؛ حيث تخلَّصت من الجزية التي تعني التبعيَّة، ولو شكليًّا. ليس هذا فقط؛ ولكن قبلت الدولة العثمانية في هذه المعاهدة -وللمرة الأولى في تاريخها- بأن تُخاطِب حاكم النمسا بعد ذلك بلقب «الإمبراطور»، وكانت قبل ذلك لا تُخاطبه إلا بلقب «ملك»[36]، وكانت تفعل ذلك منذ أيَّام محمد الفاتح لتحتفظ بحقِّها في المطالبة بحكم روما وبقيَّة أملاك الدولة الرومانيَّة القديمة، على أساس أن محمد الفاتح قد ورث كلَّ هذه الأملاك بعد فتحه للقسطنطينية. كان هذا أمرًا يبدو نظريًّا؛ لكن كانت النمسا تقبل به مضطرَّةً لتفاوت القوَّة دومًا مع الدولة العثمانية لصالح العثمانيين. الآن فَرَضَ التعادلُ في القوَّتين على الدولة العثمانية أن تقبل بهذا التنازل للمرَّة الأولى في تاريخها. لن تُعْطِي الدولة العثمانية هذا اللقب -الإمبراطور- لأيِّ زعيمٍ أوروبيٍّ آخر حتى عام 1774م -بعد 168 سنة من زيتڤاتوروك- عندما توافق على مخاطبة إمبراطورة روسيا كاترين الثانية به[37]! هذا يوضِّح حجم الخسارة الدبلوماسيَّة العثمانية، وإن كانت تبدو للبعض يسيرة!
كانت هذه هي المرَّة الأولى -أيضًا- في تاريخ الدولة العثمانية التي تقبل فيها بتوقيع معاهدةٍ خارج أرضها[38]، وكان في هذا دلالةٌ -أيضًا- على عدم قوَّة الموقف العثماني؛ ولكن في المقابل قَبِلَت النمسا بالوضع الراهن في المجر وترانسلڤانيا، وهو في صالح العثمانيين، وقبلت كذلك بأن يستمرَّ هذا الاتفاق لمدَّة عشرين سنةً كاملة[39]؛ ممَّا يعني قناعتها بأنها لا تقدر على غزو الدولة العثمانية في القريب العاجل.
من الناحية العمليَّة منحت هذه المعاهدة السلام للحدود العثمانية النمساوية لأكثر من نصف قرن، وهذا أعطى الفرصة للدولة العثمانية للتفرُّغ لمشاكلها مع الصفويين والمتمرِّدين، كما سيمنحها الفرصة لاحقًا للحرب مع بولندا. أمَّا النمسا فستتفرَّغ لمشاكلها الداخليَّة التي ستتفاقم في عام 1618م عندما تشتعل حرب الثلاثين عامًا.
أحداث أعوام 1606-1609م:
في 9 ديسمبر عيَّن السلطان أحمد صدرًا أعظم جديدًا هو السياسي المخضرم مراد باشا[40]، وكان قد تجاوز السبعين من عمره. كان مراد باشا خبيرًا بالأمور السياسية والعسكرية، وكان صارمًا جدًّا، وتميَّز كذلك بوضوح الرؤية، وصلابة المواقف. وضح للعثمانيين في هذا الوقت أن طموحات الشاه عباس الأول لا ترقى في هذه المرحلة لغزو الدولة العثمانية؛ فقد هدأت حركته منذ أن أكمل سيطرته على الأماكن التي كانت تابعةً للدولة الصفوية قبل الحرب الأخيرة (حرب 1578-1590م). إذا أضفنا إلى هذا الأمر الهدوء الفعلي الذي تحقَّق في الجبهة النمساوية بعد معاهدة زيتڤاتوروك أدركنا أن المهمَّة الرئيسة للدولة الآن هي مقاومة التمرُّدات الكثيرة في الشرق. كانت هذه هي المهمَّة الأعظم لمراد باشا منذ ولايته.
نظَّم مراد باشا حملاتٍ متتاليةً على الشرق في الفترة من 1607 إلى 1609م تهدف فقط إلى قمع المتمرِّدين. تميَّزت هذه الحملات بالحسم الشديد، وعدم قبول أنصاف الحلول. قاتل مراد باشا في بعض هذه الحملات جيوشًا بلغت ثلاثين ألف مقاتل! أغرى بعضهم بالمناصب، وقتل المعاندين بلا رحمة. في عام 1607م استطاع قمع التمرُّد تمامًا في الشام، ثم في العراق، وفي العامين التاليين قمع تمرُّدات الأناضول كلِّها[41][42]. لم يأتِ عام 1609م إلا والهدوء يعمُّ البلاد كلَّها. قُتِل في هذه الحملات آلاف المتمرِّدين، حتى اشتُهر مراد باشا بلقب «حفَّار القبور»! (بالتركية: قويوجو Kuyucu)[43].
أحداث أعوام 1610-1612م:
بعد انتهاء التمرُّد عادت مسألة الدولة الصفوية للظهور. جهَّز مراد باشا حملةً للهجوم على تبريز في عام 1610. وصلت الحملة إلى حدود إيران لكن لم يتم قتالٌ بين الطرفين[44]. في أغسطس عام 1611م، وقبل تجهيز حملةٍ أخرى على إيران، مات مراد باشا، وتولى صدارة الدولة نصوح باشا[45]. أرسل الشاه الصفوي رسله لبحث السلام بين الدولتين. تمَّت الموافقة العثمانية، وعُقِدَت اتفاقيَّة سلامٍ بين الطرفين في 20 نوفمبر 1612م[46]، عُرِفَت بمعاهدة نصوح باشا Treaty of Nasuh Pasha، وكانت في المجمل في صالح الدولة الصفوية.
معاهدة نصوح باشا:
اتَّفق الطرفان على أن تعود الحدود بين الدولتين الصفوية والعثمانية إلى ما اتُّفِق عليه في معاهدة أماسيا عام 1555م[47]، وهذا يعني تنازل الدولة العثمانية عن كلِّ الأراضي التي ضمَّتها في الحرب السابقة (حرب 1578-1590)م، وإلغاء معاهدة إسطنبول عام 1590م، وتسليم بعض الأراضي الأذربيچانيَّة التي في يد العثمانيين الآن إلى الصفويين، وهذه أوَّل مرَّةٍ في التاريخ العثماني تُسَلِّم فيها الدولة أراضيَ مملوكةً لها[48]؛ ومع ذلك فقد كان هناك بندٌ في المعاهدة يقضي بأن تدفع الدولة الصفوية إلى العثمانيين كلَّ عامٍ مائتي بالة من الحرير الخام النفيس[49] (قدَّرها بعضهم بتسعةٍ وخمسين ألف كيلو جرام)[50]، وهذ البند يعني أن الدولة الصفوية تقرُّ في المعاهدة بعلوِّ الدولة العثمانية عليها.
أحداث أعوام 1613-1617م:
ساد الهدوءُ النسبي الدولةَ العثمانية في هذه السنوات. لم يُعكِّر صفو هذه الأيام إلا عدم التزام الشاه عباس الأول بما وعد به من إرسال كميَّات الحرير المتَّفق عليها في معاهدة 1612م[51]. بعد مماطلة ثلاث سنوات اضطرَّت الدولة العثمانية إلى تنظيم حملاتٍ عسكريَّةٍ لإرغام الشاه على تنفيذ وعده، وأهمها حملة 1616م؛ ولكن لم تكن هذه الحملات جادَّةً بالشكل المطلوب، ولم تصل إلى نتيجة[52].
اهتمَّت الدولة العثمانية بتجديد اتِّفاقيَّاتها التجارية مع الدول الأوروبية، وأعطت امتيازاتٍ جديدةً لفرنسا، وكذلك للبندقية، وإنجلترا، وعقدت للمرَّة الأولى في تاريخها معاهداتٍ تجاريَّةً مع القوَّة الصاعدة هولندا[53][54].
اهتمَّ السلطان أحمد الأول -أيضًا- في هذه الفترة ببناء مسجده الشهير (مسجد السلطان أحمد)، وهو المعروف في المصادر الغربية بالمسجد الأزرق The Blue Mosque[55]، وهو يُعتبر أحد أفضل الأبنية المعماريَّة في التاريخ العثماني، وما زال بحالته الممتازة حتى زماننا الآن، وقد بُني عام 1616م[56]. من أهمِّ ما يُميِّز هذا المسجد اشتمالُه على ستِّ مآذن، وهو أمرٌ نادرٌ في معظم مساجد الدنيا، وتذكر بعض الروايات أن المسجد الوحيد الذي كان به ستُّ مناراتٍ هو المسجد الحرام بمكة، وتُضيف أن السلطان أحمد الأول بنى منارةً سابعةً في المسجد الحرام ليظلَّ هو أفضل المساجد[57]، ومع ذلك فالرواية غير صحيحة، حيث إن المنارة السابعة في المسجد الحرام مبنيَّةٌ في عهد السلطان سليمان القانوني[58][59]؛ أي قبل عهد السلطان أحمد بأكثر من نصف قرن.
وفاة السلطان أحمد الأول ونظرة إجمالية على فترة حكمه:
تُوفِّي السلطان أحمد الأوَّل فجأةً في 22 نوفمبر 1617م، وهو في سنِّ السابعة والعشرين فقط! كانت وفاته بسبب مرضٍ في الجهاز الهضمي مصحوب بحمَّى على مدار عدَّة أسابيع. سبَّبت الوفاة اضطرابًا كبيرًا في الدولة لكون أولاده جميعًا صغار السن[60].
تُعتبر فترة حكم السلطان أحمد الأول تطبيقًا عمليًّا واضحًا لمسألة «ثبات» الدولة العثمانية في القرن السابع عشر، وتُعتبر معاهدتا زيتڤاتوروك ونصوح باشا، مثالين واضحين للمسألة نفسها. لقد كانت انتصارات الدولة العثمانية موازيةً لخسائرها، وبينما تنازلت في المعاهدتين عن أمورٍ لم تكن تتنازل عنها من قبل، حقَّقت في المعاهدتين أنفسهما بعض المكاسب التي دلَّت على رهبة عدوِّها منها. لقد ثبتت في عهد السلطان أحمد الأول حدود الدولة العثمانية على الوضع الذي كان في أيَّام سليم الثاني، ولقد ذكرنا قبل ذلك أن الحروب التي تمَّت في عهد مراد الثالث؛ سواءٌ ضدَّ النمسا أم إيران، لم تكن حروبًا ذات رؤية، وكان من الأولى أن تُتَجَنَّب؛ لأن الحفاظ على مكاسبها صعبٌ للغاية في ظلِّ الوضع العسكري والسياسي للدولة؛ ومِنْ ثَمَّ لن تُسَبِّبَ للدولة إلا استنزاف الطاقات والموارد، وهذا ما حدث بالفعل. إن المعاهدات التي تمَّت في عهد السلطان أحمد الأول قد تجعل بعضهم يظنُّ فيه الضعف وقلَّة الخبرة، بسبب ما فيها من تنازلاتٍ حدثت للمرَّة الأولى في تاريخ الدولة العثمانية؛ ولكنني على العكس من ذلك أُقَدِّر جدًّا ما وصل إليه السلطان أحمد الأول ورجال حكومته، فليست الحكمة هي التحجُّر في المواقف حتى تخسر الدولة كلَّ شيء؛ إنما الحكمة أن يُدرك القائد والمفاوِض إمكانات دولته، وكذلك إمكانات عدوِّه، ويخرج بأقلِّ الخسائر، إن كان لا بُدَّ من خسارة. هكذا أحسب أن السلطان أحمد الأول أوقف نزيف الدولة، وكان سببًا مباشرًا في ثبات مستوى الدولة العثمانية وعدم تراجعه، وكان من الممكن أن يكون وضع الدولة في السنوات القادمة أفضل بكثير -ممَّا سنراه- لولا الوفاة المبكِّرة جدًّا للسلطان، التي أدخلت البلاد في اضطراباتٍ غير متوقَّعة.
يُحْسَب للسلطان أحمد أنه أعاد لمركز السلطان هيبته، وأنه عاش حياةً جادَّةً مفيدة؛ بين مسائل الجهاد والسياسة، ومجالس العلماء والأدباء، وفنون العمران والبناء، وتنمية العلاقات الدوليَّة مع الاهتمام في الوقت نفسه بالوحدة الداخليَّة للدولة. يُحْسَب له -أيضًا- أنه لم يسمح للنساء بالتدخُّل في سياسة الدولة[61]، وإن كان من أقدار الله أن يتزوَّج السلطان من السلطانة قُسِم Kösem، التي لم يظهر لها دورٌ في حياته القصيرة، على الرغم من حبِّ السلطان الشديد لها؛ ولكن بعد موته ستكون من أكثر النساء في التاريخ العثماني تأثيرًا في السياسة، إن لم تكن أكثرهنَّ على الإطلاق! ويبدو أن السلطان أحمد الأول كان يرى فيها مَلَكَات القيادة فأطلق عليها هذا الاسم: قُسِم، وهو يعني في التركية: قائد القطيع[62]!
رَحِمَ الله السلطان أحمد الأول، فعلى الرغم من رحيله مبكرًا، فإنه رسم سياسةً للدولة لن تُمْحَى إلا بعد عقود![63].
[1] Somel, Selçuk Akşin: The A to Z of the Ottoman Empire, the Scarecrow press, Lanham, MD, USA, 2010., p. xli.
[2] مقديش، محمود: نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار، تحقيق: علي الزواري، محمد محفوظ، دار الغرب الاسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 1988م. صفحة 2/63.
[3] أوزتونا، 1988 صفحة 1/455.
[4] Shaw, Stanford Jay: History of the Ottoman Empire and Modern Turkey: Empire of the Gazis: The Rise and Decline of the Ottoman Empire, 1280–1808, Volume I, Cambridge University Press, New York, USA, 1976., vol. 1, p. 186.
[5] Maclean, Gerald M.: The Rise of Oriental Travel: English Visitors to the Ottoman Empire, 1580 – 1720, Palgrave Macmillan, New York, USA, 2004., p. 176.
[6] Goody, Jack: Introduction, In: Goody, Jack: Succession to High Office, Cambridge University Press, Cambridge, UK, 1966., p. 20.
[7] Peirce, Leslie Penn: The Imperial Harem: Women and Sovereignty in the Ottoman Empire, Oxford University Press, New York, USA, 1993., p. 99.
[8] بچوي، إبراهيم أفندي: تاريخ بجوي إبراهيم أفندي: التاريخ السياسي والعسكري للدولة العثمانية، ترجمة وتقديم: ناصر عبد الرحيم حسين، المركز القومي للترجمة، القاهرة، الطبعة الأولى، 2015م.الصفحات 2/404، 405.
[9] أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: عدنان محمود سلمان، مراجعة وتنقيح: محمود الأنصاري، مؤسسة فيصل للتمويل، إستانبول، صفحة 1/454.
[10] Jennings, Ronald C.: Christians and Muslims in Ottoman Cyprus and the Mediterranean World, 1571-1640, New York University Press, New York, USA, 1993., p. 160.
[11] Tezcan, Baki: The Second Ottoman Empire: Political and Social Transformation in the Early Modern World, Cambridge University Press, New York, USA, 2010., p. 70.
[12] أوزتونا، 1988 صفحة 1/454.
[13] Börekçi, Günhan: Ahmed I (b. 1590–d. 1617) (r. 1603–1617), In: Ágoston, Gábor & Masters, Bruce Alan: Encyclopedia of the Ottoman Empire, Infobase Publishing, New York, USA, 2009 (A).p. 23.
[14] أوزتونا، 1988 صفحة 1/454.
[15] أوزتونا، 1988 صفحة 1/444.
[16] Somel, 2010, p. xli.
[17] Hammer, Joseph von: Geschichte des osmanischen Reiches (in German), Pest, 1840., vol. 2, p. 679.
[18] Imber, Colin: The Ottoman Empire, 1300-1650: The Structure of Power, Red Globe press, London, UK, Third edition, 2019., p. 50.
[19] Blow, David: Shah Abbas: The Ruthless King Who Became an Iranian Legend, I. B. Tauris, London, UK, 2009., pp. 79-81.
[20] Sale, George; Psalmanazar, George; Bower, Archibald; Shelvocke, George; Campbell, John & Swinton, John: An Universal History, from the Earliest Account of Time, T. Osborne, London, UK, 1759., vol. 12, p. 426.
[21] Imber, 2019, p. 50.
[22] Tucker, Spencer C.: A Global Chronology of Conflict: From the Ancient World to the Modern Middle East, ABC-CLIO, Santa Barbara, California, USA, 2010., vol. 2, p. 560.
[23] Blow, 2009., p. 82.
[24] Masters, 2009 (B), p. 344.
[25] Griswold, William J.: The great Anatolian rebellion, 1000-1020/1591-1611, Klaus Schwarz, Berlin, Germany, 1983., pp. 139-141.
[26] أوزتونا، 1988 صفحة 1/449.
[27] Hötte, Hans H.A.: Atlas of Southeast Europe: Geopolitics and History, Brill, Leiden, Netherlands, (Volume 1: 1521-1699, Edited by: Colin Heywood,, 2015, vol. 1, p. 11.
[28] Blow, 2009, p. 83.
[29] Kortepeter, Carl Max: Complex goals of the Ottomans, Persians, and Muscovites in the Caucasus, 1578-1640, In: Mitchell, Colin P.: New Perspectives on Safavid Iran: Empire and Society, Routledge, New York, USA, 2011., p. 74.
[30] Bašagić, Safvet-beg: Bošnjaci i Hercegovci u islamskoj književnosti: prilog kulturnoj historiji Bosne i Hercegovine (in Bosnian), Svjetlost, Bosnia and Herzegovina, 1986., p. 351.
[31] Setton, Kenneth Meyer, Volume 4, The Sixteenth Century from Julius III to Pius V, 1984, vol. 4, p. 1097.
[32] جرامون، ﭼان – لوي باكي: أوج الامبراطورية العثمانية: الأحداث (1512-1606)، ضمن كتاب: مانتران، روبير: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: بشير السباعي، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة–باريس، الطبعة الأولى، 1993م. صفحة 1/234.
[33] 82. نعيمة، مصطفى: روضة الحسين في أخبار الخافقين (تاريخ نعيما)، مطبعة عامرة، إسطنبول، 1283هـ=1866م.الصفحات 1/455-458.
[34] إبراهيم أفندي: مصباح الساري ونزهة القاري، بيروت، الطبعة الأولى، 1272هـ=1856م. الصفحات 148، 149.
[35] Tucker, 2010, vol. 2, p. 560.
[36] Birdal, Mehmet Sinan: The Holy Roman Empire and the Ottomans: From Global Imperial Power to Absolutist States, I. B. Tauris, London, UK, 2011., p. 6.
[37] Lewis, Bernard: What Went Wrong? Western Impact and Middle Eastern Response, Oxford University Press, New York, USA, 2002., p. 164.
[38] طقوش، محمد سهيل: تاريخ العثمانيين من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة، دار النفائس، بيروت، الطبعة الثالثة، 1434هـ=2013م.صفحة 277.
[39] فريد، محمد: تاريخ الدولة العلية العثمانية، تحقيق: إحسان حقي، دار النفائس، بيروت، الطبعة الأولى، 1401هـ=1981م. صفحة 273.
[40] Somel, 2010, p. 160.
[41] أوزتونا، 1988 صفحة 1/451.
[42] Imber, 2019, p. 53.
[43]Yeşilgöz, Yücel & Bovenkerk, Frank: Urban Knights and Rebels in the Ottoman Empire, In: Fijnaut, Cyrille & Paoli, Letizia: Organised Crime in Europe: Concepts, Patterns and Control Policies in the European Union and Beyond, Springer Science & Business Media, Dordrecht, Netherlands, 2004., p. 210.
[44] Imber, 2019, p. 54.
[45] فريد، 1981 صفحة 272.
[46] Yüce, Yaşar & Sevim, Ali: Türkiye tarihi, Akdtykttk Yayınları, İstanbul, 1991., vol. 3, pp.43-44.
[47] أوزتونا، 1988 صفحة 1/449.
[48] فريد، 1981 صفحة 272.
[49] Mikaberidze, Alexander (Editor): Conflict and Conquest in the Islamic World: A Historical Encyclopedia, ABC-CLIO, Santa Barbara, California, USA, 2011 (A)., vol. 2, p. 699.
[50] Tucker, 2019, vol. 2, p. 876.
[51]سرهنك، إسماعيل: حقائق الأخبار عن دول البحار، المطابع الأميرية، بولاق، مصر، الطبعة الأولى، 1312هـ=1895م، صفحة 1/573.
[52] أوزتونا، 1988 صفحة 1/450.
[53] كينروس، چون باتريك: القرون العثمانية قيام وسقوط الإمبراطورية التركية، ترجمة وتعليق: ناهد إبراهيم دسوقي، منشأة المعارف، الإسكندرية-مصر، 2002م.صفحة 358.
[54] De Groot, Alexander Hendrik: The Netherlands and Turkey: Four hundred years of Political, Economical, Social and Cultural Relations, Isis Press, Istanbul, Turkey, 2009., pp. 120-124.
[55] Huebner, Jeff W.: İstanbul (İstanbul, Turkey): Blue Mosque, In: Ring, Trudy: International Dictionary of Historic Places, (Volume 3, Southern Europe), Routledge, New York, USA, 1995., vol. 3, p. 335.
[56] Goodwin, Godfrey: A History of Ottoman Architecture, Thames & Hudson, London, UK, 2003., p. 343.
[57] Brockmann, Heike; Goltz, Eddie; Kelsey, Tim; Obermann, Hans und lngeborg; Schuster, Waltraud; Steinhardt, Jochen; Stump, Laine; Tavlas, Nezih & Nler, Asli: Turkey, Translation: J. Clough, A. Fenner, E. Goldmann, J. L. High, R. Rosko, Nelles Verlag GmbH, München, Germany, 1998., p. 44.
[58] صالح، محمد عبد الله: الحرم المكي الشريف: نشوءه وتوسعاته وتأثيره على محيطه العمراني قبل التوسعات السعودية، أبحاث ندوة عمارة المساجد، كلية العمارة والتخطيط، جامعة الملك سعود، المملكة العربية السعودية، 1419هـ=1999م. صفحة 47.
[59] Huebner, 1995, vol. 3, p. 336.
[60] أوزتونا، 1988 صفحة 1/454.
[61] Peirce, 1993, p. 105.
[62] Rauf, Bulent: The last sultans, Edited by: Judy Kearns, Meral Arim, 1995., p. 31.
[63] انظر: دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442هـ= 2021م، 1/ 620- 631.
لشراء كتاب قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط يرجى الاتصال على الرقم التالي: 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك